top of page

كَلِمةٌ حول الفرق بين تاريخ الهجرة النبوية وبداية السنة الهجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على مَن بُعِثَ رحمةً للعالمين نبيِّنا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومَن اهتدى بهَديِه واستنَّ بسُنَّته إلى يوم الدين

أمَّا بعدُ، فكلما دخل شهر محرَّمٍ الحَرامُ هاجت الأشواق إلى صاحب الهجرة عليه أفضل الصلاة والسلام إذ إنَّ أن شَهرَ الله المحرم هو أوَّلُ شهور السّنة العربية التي قال الله تعالى فيها ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [سورة التوبة / 36]. وقد شاع لدى كثير من الناس أنّ هجرة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة كانت في المحرّم. وهذا القول مجانب للصّواب؛ لأنّ الهجرة النبويّة على صاحبها أفضل الصّلاة والسّلام ابتدأت في أوائل شهر ربيع الأول وقيل في أواخر شهر صفر وتمّت في شهر ربيع الأوّل باتفاق المؤرخين وأهل السِّيَر. قال ابن جرير الطّبري رحمه الله في تاريخه: "كان مقدم من قدم على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم للبيعة من الأنصار في ذي الحجّة، وأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعدهم بمكّة بقيّة ذي الحجّة من تلك السنة والمحرّم وصفر، وخرج مهاجرًا إلى المدينة في شهر ربيع الأوّل، وقدمها يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت منه" اهـ. وكذا قال غير واحد من أهل التاريخ والسيرة

ولكنّ الوهم سرى لدى كثير من الناس لأنّ الصّحابة رضي الله عنهم لمّا أرادوا التّأريخ اختاروا السّنة التي هاجر فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يأخذوا الشّهر الّذي هاجر فيه وهو ربيع الأوّل. روى الإمام البخاري عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: "مَا عَدُّوا مِنْ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم وَلَا مِنْ وَفَاتِهِ، مَا عَدُّوا إِلَّا مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ" أي سنة مقدمه. ولو عدّوا من شهر قدومه صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة لعدُّوا من شهر ربيع الأوّل. وإنّما جعلوا شهر الله المحرّم بداية السّنة لأنّه منصرف النّاس من حجّهم لا لأنّه الشهر الذي هاجر فيه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. فقد ذكر الإمام ابن جرير الطّبري في تاريخه عن محمد بن سيرين أن عمر رضي الله عنه وأصحابه لما أجمعوا على فعل التأريخ قالوا: من أي السنين نبدأ؟ فقال بعضهم من مَبعثه، وقال بعضهم من وفاته، ثم أجمعوا على الهجرة، ثم قالوا: فمن أي الشهور نبدأ؟ فقال بعضهم من رمضان، ثم اتفقوا على المحرم لأنه مُنصرَفُ الناس من حَجِّهم ولأنه شهرٌ حرامٌ. وذكر الطبري عن سعيد بن المسيب أنه قال: "أول من كتب التأريخ عُمَرُ رضي الله عنه لسنتين ونصف من خلافته فكتب لست عشرة من الهجرة بمشورة علي بن أبي طالب اهـ

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

والحمد لله رب العالمين

Recent Posts
Archive
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
bottom of page