top of page

عناية النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وسلم
أولاً: عنايته بضبط القرآن

لقد كان للنبي صلوات الله وسلامه عليه من الكَتَبة ما يزيد على أربعين كاتبًا يبادرون إلى كتابة ما ينزل من الذكر الحكيم إِثرَ نزوله بمحضر الصحابة، ويبادر بقية الصَّحابة ممن يعرف الكتابةَ أيضًا إلى كتابتها ونسخها ممَن كتبَها. وكانوا يتلون القرآنَ على الرسول صلى الله عليه وسلم غُدوًّا و عشيًّا لاستظهاره كما نزل

قال ابنُ عباس رضي الله عنهما: كان جبريلُ يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ليلة من رَمَضان فيدارسُه القرآن. وقال أبو هريرة رضى الله عنه: كان يُعرَضُ على النبي صلى الله عليه وسلم القرآنُ كل عام مرةً فعُرض عليه مرتين في العام الذي قُبِضَ فيه اهـ والمعارضة تكون بقراءة هذا مرة واستماع الآخر، ثم قراءة الثاني واستماع الأول، فتكون القراءة بينهما في كل سنة مرتين، وفي سنة وفاته أربع مرات، فتفرس النبي صلى الله عليه وسلم من تكريرِ المعارضة في السنة الأخيرة قُربَ وقتِ وفاتِه فجمع الصحابة رضي الله عنهم فعرضَ القرآن عليهم آخرَ عَرضة

ثانيًا: عنايته بتعليم القرآن

و كان النبي صلى الله عليه و سلم في غاية الاهتمام بما ينزل من القرآن إثر نزوله فكان يحض الصحابة على الإكثار من قراءة القرآن واستظهارِه وتفهُّم معانيه ودِلالاتِه، فمن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام خيركم من تعلم القرآن وعلَّمه اهـ وقوله صلى الله عليه وسلم ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلَت عليهم السَّكينةُ وغشيَتهُم الرحمةُ وحفَّتهُم الملائكةُ اهـ وقوله عليه الصلاة والسلام إن من إجلال الله إكرامَ ذي الشيبة المسلم وحاملِ القرآن غيرِ الغالِي فيه والجافي عنه اهـ وما ورد في هذا الصدد من الأحاديث الثابتة يعد بالعشرات

ثالثًا: مدارس تعليم القرآن في العهد النبوى

و كان الذين لا أهلَ لهم من الصَّحابة الفقراء يأوُونَ إلى صُفَّة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم تحت رعايته يتلون كتاب الله و يتدارَسونه حيث كان النبي عليه الصلاة والسلام يحضُّهم على حفظه ومُدارَسَتِه حتى كان لهم دوِيٌّ بالقرآن في المسجد، وفيهم نزل قوله تعالى ﴿واصبِر نفسَكَ مع الذين يَدعون ربَّهم بالغَداة والعشِيِّ يُريدون وجهَه﴾، فكانت الصُّفَّة مدرسةً لتحفيظ القرآن و تدريسِ أحكامه. وكم كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُرسِلُ منهم إلى القبائل لتعليمهم القرآن وتفقيههم في الدينَ. وكان في المدينة دارٌ للقُرَّاء يَنزِلُها الوافدون. وكان النبي صلى الله عليه وسلم أمر أفذاذًا من قراء الصَّحابة أن يقوموا بتعليم القرآن للجُمهور، كما أمر الجمهور بتعلم القرآن منهم، حتى امتلأت المدينة المنورةُ بالقراء. وكان يبعث منهم جماعات إلى الجهات التي أسلم أهلها. وعدد هؤلاء في غايةِ الكثرة، والذين استشهدوا منهم غَدرًا في بئر معونة فقط نحو سبعين قارئًا حزن النبىّ صلى الله عليه وسلم عليهم حزنًا شديدًا وظل يَقنُتُ في الفجر شهرًا يدعو على رِعلٍ وذَكوان بسبب غدرهم بهؤلاء القراء.

Recent Posts
Archive
Follow Us
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
bottom of page